يعرف الاجهاض في الطب بأنه خروج محتويات الحمل في أي وقت قبل الاسبوع الرابع والعشرين ويحدث بنسبة 10 - 15% بين السيدات الحوامل. ويعد الاجهاض متكررا عند حدوث ثلاثة أو اكثر من الاجهاضات المتتالية ونسبته 1 - 2% بين الحوامل. “الصحة والطب” استطلعت آراء عدد من الأطباء المختصين حول أسباب الاجهاض التي تتوزع بين الوراثية والجينية والتشريحية والفيروسية وغيرها، اضافة الى أنواع الاجهاض واعراضه ووسائل الحد منه أو تجنبه لدى المرأة والرجل على حد سواء.
الاجهاض المبكر هو انتهاء الحمل قبل الاسبوع الرابع عشر، حيث اثبتت الدراسة ان نسبة حدوث الاجهاض المبكر لدى المرأة يصل الى 30%، كما ان 20% من حالات الاجهاض تحدث قبل ان تعرف المرأة انها حامل، لذا فإن نسبة حدوث الاجهاض لدى المرأة يتراوح ما بين 10 - 15% حيث ترتفع هذه النسبة كلما زاد سن المرأة ليصل 50% في حال بلوغها سن الاربعين عاما، كذلك تتضاعف هذه النسبة في حالة حدوث الحمل عن طريق التلقيح المجهري أو بوساطة الطرق المساعدة لحدوث الحمل.
وتضيف: هناك أسباب عدة للاجهاض المبكر أهمها وجود خلل جيني من الزوج أو الزوجة بمعنى ان يحمل احد الطرفين او الاثنان جينات حدث فيها تغيير في العدد أو الشكل أو الطول أو الوظيفة الأمر الذي يؤدي الى جعلها جينات بصورة غير مكتملة بحيث انها في حالة تكوين المبيض يكتمل الخلل في هذه الكروموسومات وهذا الخلل يؤدي الى تشوهات خلقية تجعل الجنين غير قادر على الاستمرار في النمو والتطور في الرحم الأمر الذي يؤدي الى حدوث اجهاض حيث انه كلما كان الخلل كبيرا حدث الاجهاض بشكل مبكر في الحمل، لذا يلاحظ ارتفاع حالات الاجهاض عندما يزداد سن المرأة أو عندما تكون الحيوانات المنوية لدى الرجل ضعيفة في الحركة والعدد وبشكل خاص كلما زادت نسبة الحيوانات المنوية غير الطبيعية في الشكل.
واشارت الى ان الاجهاض المبكر يحدث حينما تكون المرأة حاملة اجساماً مضادة تقتل الجنين في بداية تكوينه أو في حالة متأخرة، الأمر الذي يتوقف على نوع هذه الاجسام.
ومن الاسباب ايضا اذا كانت المرأة تعاني من تشوهات خلقية في الرحم مثل الرحم ذي القرنين والذي يصيب 2% من السيدات، وكذلك اصابة المرأة بالتهابات حادة وارتفاع شديد في درجة حرارة جسمها، حيث اثبتت احدى الدراسات ان ارتفاع حرارة جسم المرأة بشدة يؤدي الى تشوهات خلقية في الجنين وبالتالي اجهاضه.
ومن الاسباب المؤدية للاجهاض اصابة المرأة بالتهابات فيروسية مثل الهربس وداء القطط والحمى الألمانية.
وهي أسباب تؤدي الى تشوهات حادة في الجنين حينما تصاب به المرأة خلال شهور حملها الاولى، وكذلك اصابة المرأة بالسكر وعدم التحكم في نسبة السكر في الدم أو اصابتها بخلل في الغدد الصماء مثل الغدة الدرقية بحيث تؤدي الى تشوهات خلقية في الجنين وبالتالي الاجهاض، الى جانب عمل المرأة إذا كان يعرضها لاستنشاق مواد كيماوية سامة أو تعاملها مع هذه المواد، أو في حال وقوفها لساعات طويلة.
كما ان اصابة المرأة بالاجهاض يسبب لها ضغطاً نفسياً شديداً غير التأثير الجسدي، فكلما تقدم الحمل زادت مضاعفات الاجهاض مثل النزيف والالتهابات ومضاعفات عملية ازالة بقايا الحمل من الرحم، اضافة الى انه ومع مرور الوقت الطويل قد تصاب المرأة بانسداد قناة فالوب واصابتها بالعقم أو حدوث التصاقات في الحوض واصابتها بآلام مزمنة، أيضاً قد يحدث حمل خارج الرحم.
أما بالنسبة للتعامل مع حالة الاجهاض المبكر : ان حدوث علامات تدل على امكانية الاجهاض مثل النزف حتى لو كان بسيطاً أو توقف الغثيان والاحتقان في الثدي فإن ذلك يدل على امكانية حدوث الاجهاض، لذا يجب على المرأة ان تتجه الى الاخصائي للتأكد من استمرار الحمل عن طريق الفحص المهبلي والأشعة فوق الصوتية، مضيفة ان حدوث الاجهاض المبكر ثلاث مرات متتالية أو حتى مرتين يعني أهمية معرفة السبب وراء ذلك، أما في حالة حدوث الاجهاض لمرة واحدة فإن السبب بشكل عام ولدى 90% من الحالات يكون تشوهات خلقية في الجنين إلا انها لن تتكرر فيما بعد.
أنواع الاجهاض
كما ان فقدان الحمل قبل انتهاء أول ثمانية وعشرين اسبوعاً من الحمل كان يعتبر في السابق اجهاضاً، إلا انه ومع تطور الحاضنات وامكانية ان يعيش المولود بعد انتهاء 24 اسبوعا، فقد تغير تعريف الاجهاض، وفي بعض الاحيان يكون التعريف إذا كان وزن الجنين أقل من 500 جرام، وبذلك يعد اجهاضا.
واشارت الى تعدد اسباب الاجهاض ومنها الخلل الهرموني مثل نقص في انتاج هرمون البروجسترون الذي يفرزه الجسم الاصغر بعد تكوين البويضة حتى الاسبوع الثامن حيث ينتج بعد ذلك في المشيمة ما يؤدي الى خلل في تثبيت الحمل، اضافة الى خلل في هرمونات الغدة الدرقية سواء في زيادتها أو نقصانها والذي قد يؤدي الى الاجهاض.
ومن الاسباب ايضا الحالة النفسية مثل الاجهاد والارهاق والخوف والذي قد يؤثر سلباً في الجهاز العصبي والغدة والأوعية الدموية والعضلات اللاإرادية ما يؤدي الى الاجهاض، اضافة الى تشوهات في الرحم مثل وجود ضعف في عنق الرحم ناتج عن تمزق سابق في عنق الرحم أو ضعف في عضلة عنق الرحم ناتج عن ولادات متكررة واجهاضات سابقة ما يؤدي الى حدوث الاجهاض متأخراً بعد الاسبوع الثاني عشر بشكل عام أو حدوث ولادة مبكرة، وفي هذه الحالة يجري ربط عنق الرحم بعد تشخيص الحالة في الحمل التالي، وأيضاً في حالة وجود ألياف في الرحم خاصة إذا كانت كبيرة أو قريبة من تجويف الرحم.
وتضيف: هناك أمراض قد تصيب المرأة تسبب لها الاجهاض مثل الامراض الفيروسية خلال الحمل بحيث تنتقل الى الجنين عبر المشيمة، وبعض الجراثيم مثل الملاريا وداء القطط، كذلك تزداد نسبة حدوث الاجهاض إذا كانت المرأة مصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم وامراض الكلى.
كما ان هناك اعراضا لحالات الاجهاض مثل نزيف مهبلي مع آلام في اسفل البطن قد يكون خفيفا أو حاداً، إلا انه وفي بعض الحالات يحدث النزيف مع وجود حمل سليم الأمر الذي يؤكد ضرورة مراجعة الاخصائي لمعرفة وضع الحمل، في حين هناك انواع للاجهاض أولها اجهاض كامل حيث يتم لفظ الحمل كاملاً، ولدى الكشف “بالسونار” يلاحظ ان تجويف الرحم خال ولا داعي لإجراء عملية تنظيف، أما النوع الثاني فهو اجهاض غير كامل حيث يتم لفظ جزء من الحمل مع بقاء اجزاء أخرى داخل تجويف الرحم، وقد يحصل مع ذلك نزف مهبلي لا يتوقف إلا بتنظيف الرحم من بقايا الحمل، كما ان وجود بقايا الحمل داخل الرحم لمدة قد يسبب التهابات داخلية قد تكون خطيرة على المرأة بحيث تصيبها بالعقم أو تودي بحياتها، بينما النوع الثالث فهو حمل متوقف النمو حيث يوجد كيس الحمل مع الجنين داخل الرحم كاملاً مع توقف نمو الجنين، وفي حالة عدم لفظ الحمل يجب اجراء عملية تنظيف للرحم.
وأوضحت انه توجد آثار نفسية تؤثر في المرأة خاصة إذا كان الحمل الأول لها أو في حال تكرار الاجهاض حيث انها تشعر بالذنب الذي يسيطر عليها وتلقي اللوم على نفسها، كذلك خوفها من عدم قدرتها على انجاب اطفال أصحاء، بالاضافة الى الآثار الجسدية مثل النزف المهبلي والذي قد يكون شديدا جداً الأمر الذي يتطلب اجراء تنظيف للرحم، اما في حال عدم اجراء تنظيف لبقايا الحمل لدى حالات الاجهاض غير الكامل قد يؤدي الى حدوث التهابات وانتانات داخلية قد تؤدي الى الوفاة خاصة في حالات الاجهاض غير القانونية التي تتم في أجواء غير معقمة، كما انه يؤدي الى حدوث التصاقات قد تؤدي الى فقدان القدرة على الحمل مرة اخرى.
الخلل التشريحي
كما ان 3% من السيدات الحوامل يعانين من الاجهاض المتكرر، أي قبل بلوغ الاسبوع العشرين من الحمل ثلاث مرات متتالية أو اكثر وذلك لأسباب عدة منها وراثية مثل وجود خلل في الكروموسومات لدى أحد الزوجين أو كليهما، كذلك وجود خلل تشريحي في الرحم وهو يشكل 10% من الاسباب مثل خلل خلقي كالحاجز الرحمي ويمثل السبب الرئيسي حيث يشخص بوساطة سونار المهبل أو بوساطة الأشعة الملونة للرحم.
ويؤدي هذا الحاجز الى تغيير الشكل التشريحي للرحم ايضا احتواء الرحم على اوعية شعرية دموية لا تكون كافية لتغذية الجنين ويجري علاج هذه الحالة بوساطة المنظار الرحمي، الى جانب الاسباب الجرثومية أو الفيروسية والاسباب الهرمونية مثل نقص هرمون البروجسترون حيث يعالج بوساطة الحبوب أو الحقن أو التحاميل، اضافة الى تكيس المبايض ويعالج باعطاء Metformin قبل حدوث الحمل وخلال الاشهر الثلاثة الاولى من بدايته، ومرض السكري يؤدي الى الاجهاض حيث يؤدي الى وفاة الجنين داخل الرحم أو حدوث تشوهات خلقية شديدة له، كذلك الاسباب الخارجية كالتعرض للاشعاع أو العلاج الكيماوي مثل مرض السرطان، أو التدخين، في حين يتعرض أطباء التخدير لمادة الفورمالين.
كما ان هناك فحوصات عدة مطلوبة في حالات الاجهاض المتكرر وهي فحص كروموسومات الأجنة بعد الاجهاض، وفحص كروموسومات الزوجين، وإجراء الفحص بوساطة جهاز “السونار” حيث يفضل الفحص المهبلي للرحم والمبايض، كذلك اجراء تنظير للرحم وفحص الدم كالفحوصات المناعية، مشيرة الى أهمية اعادة الفحوصات بعد ستة اسابيع.
أما بالنسبة للنصائح والارشادات للسيدة الحامل بهدف تجنب حدوث الاجهاض، فذكرت أهمية ايقاف التدخين لكلا الزوجين، وتغذية حمية كاملة وتناول اقراص فولك اسد، اضافة الى ممارسة التمارين الرياضية بشكل يومي ومنتظم، والدعم النفسي من قبل الزوج والأهل.
وسائل علاج الاجهاض
كما انه عند تشخيص سبب الإجهاض المتكرر يجب أن نعتمد على عوامل عدة وهي:
أولا: الأعراض الإكلينيكية
وجود أعراض معينة قد يشخص المرض المسبب للإجهاض المتكرر مثل ارتخاء عضلة عنق الرحم(Cervical Incompetence) والتي غالبا مايحدث الإجهاض في الثلث الأوسط من الحمل وتقل مدة الحمل مع كل إجهاض ويبدأ الإجهاض بنفس الطريقة مثل الولادة تماما غير أن الألم يكون قليلا، وفي أمراض أخرى تزيد مدة الحمل مع كل إجهاض مثل حالات صغر حجم الرحم (Uterine Hypoplasia) وأثناء الفحص للمريضة من الممكن أن نكتشف ارتفاع الضغط، اضطرابات في الغدة الدرقية، أوراماً ليفية، أكياساً على المبيض... الخ
ثانيا: الفحوصات
أ- بالنسبة للأم
1 فحوصات للأمراض الهرمونية: مثل قياس مستوى السكر، هرمون الغدة الدرقية (TSH,T3 T4)، هرمون الحليبProlactin) )، قياس مستوى هرمون(LH) ، في النصف الأول من الدورة اليوم الثامن، قياس مستوى هرمون البروجسترون في النصف الثاني من الدورة.
2 فحوصات الأمراض العامة: مثل قياس مستوى عوامل منع التجلط الطبيعية في الدم والبحث عن وجود ميكروبات معينة مثل Toxoplasma أوCMV في الدم وMycoplasma في عينة من جدار الرحم وListeriosis في عينة من عنق الرحم.
3 فحوصات للجهاز التناسلي: مثل عمل موجات فوق صوتية (تشخيص وجود ورم ليفي، أكياس على المبيض، ارتخاء في عنق الرحم)... الخ، وعمل أشعة بالصبغة على الرحم والأنابيب (تشخيص ارتخاء عنق الرحم أو وجود التصاقات داخل الرحم بالإضافة إلى مسار الأنبوبتين).
4 فحوصات للجهاز المناعي: مثل البحث عن الأجسام المضادة في دم الزوجة للبويضة أو للحيوان المنوي، البحث عن التماثل الجنيني في كل من الزوج والزوجة، البحث عن أمراض مناعية أخرى قد تؤثر في الحمل مثل APS, SLE
بالنسبة للأب
دراسة الكروموسومات في كل من الزوج والزوجة قد يرشدنا إلى خلل ما في أي منهما يكون هو السبب في الإجهاض المتكرر مثل Inversion, Delation ... الخ
ج. تحليل نواتج الإجهاض قد يظهر لنا وجود كروموسومات غير طبيعية في الجنين أو وجود ميكروبات معينة... الخ
ويظهر إلى السطح هنا سؤال هل من الضروري عمل كل هذه التحاليل لكي نشخص سبب الإجهاض المتكرر، وأكرر وأقول ليس هناك داع تماما (إلا في الحالات التي لايوجد فيها ما يفسر سبب الإجهاض المتكرر) فمعظم الحالات يكون التشخيص فيها باتجاه واحد أو اتجاهين على الأكثر اعتمادا على التاريخ المرضي والأعراض الإكلينيكية والفحوصات.
ويضيف أنه في حالات كثيرة لا يوجد سبب واضح يفسر سبب الإجهاض المتكرر وتكون الفحوصات كلها سلبية. لذا فالعلاج يعتمد أساسا على السبب إن وجد وعلاج فرضي إن لم يوجد سبب، مشيرا الى ان علاج الاسباب تشمل:
* علاج الاضطرابات الهرمونية عن طريق ضبط مستوى السكر في الدم، ضبط مستوى هرمون الحليب، علاج تكيس المبايض وما يصاحبه من زيادة في إفراز هرمونLH أو زيادة تدعيم النصف الثاني من الدورة بهرمون البروجسترون.
* في حالات الزيادة في معامل التجلط عند السيدة ينصح بتعاطي أسبرين 75 ملغ يوميا بصفة دورية ومنتظمة.
* في حالة وجود ميكروبات معينة في الدم أو في الرحم يؤخذ المضاد الحيوي لكل حسب نوع الميكروب.
* إزالة الأكياس أو الأورام الليفية إن وجدت وكان لها تأثير في استمرار الحمل.
* في حالات ارتخاء عضلة عنق الرحم ينصح إجراء عملية الربط على عنق الرحم بعد اكتمال 12 أسبوعاً من الحمل وتتم هذه العملية عن طريق المهبل إلا في بعض الحالات النادرة التي نلجأ فيها إلى الربط عن طريق البطن.
* في حالات وجود الأجسام المضادة للحيوان المنوي ينصح باستخدام الوسائل العازلة أثناء الجماع أو استخدام عقار الكورتيزون لفترة من 3-6 شهور حتى يتم خفض مستوى الأجسام المضادة في دم الزوجة.
* في حالات التماثل الجيني الشديد بين الزوج والزوجة يتم حقن الزوجة بالخلايا اللمفاوية للزوج.
اما في حالة عدم وجود سبب فإن الأمر يعد مشكلة رئيسية وفي هذه الحالة أمامنا ثلاثة بروتوكولات للعلاج وهي:
البروتوكول الأول:
إعطاء الأسبرين 75 ملغ فقط ويعطي هذا نسبة نجاح 30 -40 %.
البروتوكول الثاني:
إعطاء الأسبرين 75 ملغ بالإضافة إلى 500 وحدة هيبارين يوميا. ويعطي هذا نسبة نجاح 70-80%.
البروتوكول الثالث:
إعطاء الأسبرين 75 ملغ بالإضافة إلى الكورتيزون ويعطي هذا نسبة نجاح 60-70%.
كما ان استخدام عقار الأسبرين مع الهيبارين قبل حدوث الحمل واستخدام مثبتات الحمل (خاصة عقارHCG ) مباشرة يزيد نسبة نجاح الحمل إلى 90%.
No comments:
Post a Comment